الداعية كريم فؤاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 03/03/2019
https://karemfouad.ahlamontada.com

تجاوز الفشل و صناعة النجاح Empty تجاوز الفشل و صناعة النجاح

الثلاثاء مارس 05, 2019 4:54 pm
تجاوز الفشل و صناعة النجاح %D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B4%D9%84

إن من اصعب المشاعر التي تنغص على الانسان سعادته في تلك الحياة الدنيا هو الشعور بالفشل والاحباط نتيجة عجزه عن تقصي مقصد محدد يصبو إليه.
والحقيقة ان استشعار الم الفشل أمر لا يسلم منه الإنسان في حياته ، فرسوب التلميذ في صف من الصفوف في المدرسة يمكن ان يترك اثرا لا ينقضي مهما تبعه من نجاحات في السنين اللاحقة، وأيضاً عجز الطالب عن الاشتراك في الاختصاص الذي يريده في الجامعة، و فشل الباحث عن عمل في ايجاد مهنة تتناسب مع شهاداته ومؤهلاته،كل تلك الموضوعات تجعل الحياة سمراء في نظر بعض الناس الذين يعتقدون أنهم إذا فشلوا مرة واحدة فسيفشلون كل مرة، وأن الحياة لن تبتسم لهم مجددا .

إن تعاظم إشكالية الفشل عند القلة تنتج عن أسباب عديدة ابرزها تدهور الوازع الديني عند عديد من الناس ، الذين يتناسون ان الفشل حاله حال اية محنة في الحياة هو من الابتلاءات التي يجرب بها الله تعالى عباده الصالحين، وان فشل اليوم لا ينفي التوفيق يوم غد ، والله عز وجل يقول ” وهذه الأيام نداولها بين الناس” .
كما ان ذلك التدهور يرتبط كذلك بقضية الايمان بالقضاء والقدر و ما يتعلق بها من امور غيبية لا يعرفها سوى الله عز وجل ،فقد يكون في ما نعتبره فشلاً لنا خير عديد، وقد يكون في ما نعتقده خيراً لنا شر عظيم، و صدق الله عز وجل الذي يقول” عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعرف وانتم لا تعلمون”.
إضافة إلى ذلك هذا فإن من الأسباب المشاركة في تفاقم آثار الفشل، تقهقر الإنسان وتقهقره نحو اول تجربة فاشلة يتجاوز بها، فنراه يرفض احيانا اعادة التجربة مرة ثانية،ويكتفي بما آلت اليه وضْعه ، متناسيا بأن تقصي الأماني يتطلب إلى عزم وإرادة ومثابرة.
وصدق الشاعر عندما صرح:
ترغب في وعي المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل
إن استعادة الهمة والإقدام على الشغل مكررا مرة خلف اخرى أمر هام في الوصول إلى المبتغى، والمثل يقول :” ليس النقص والخلل ان يسقط الفتى ولكن النقص والخلل ان يوجد حيث سقط”.
والتاريخ يحكي لنا عن عظماء قدموا للإنسانية خدمات كثيرة ، عقب مرورهم بتجارب فاشلة عدة، وعلى رأس هؤلاء النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي لاقى الويل من قومه واتهموه بابشع التهم ولكنه لم يستسلم ، وثابر في قيامه بواجب الدعوة إلى الله عز وجل حتى نصره الله سبحانه في عاقبة الشأن.
ومن العلماء المعاصرين الذين خبروا الفشل في حياتهم وتعايشوا معه العالم اديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي في أعقاب الآلاف من التجارب الفاشلة التي مر بها .
ومنهم ايضاً محرر العبيد ابراهام لينكولن الذي كانت حياته سلسلة من التجارب الفاشلة قبل ان يتوصل إلى سدة الرئاسة في أميركا الأميركية.

اسباب الفشل

يتعلق فشل الإنسان عادة بعوامل عدة تشارك في ايجاده وتطويره، ومن تلك الأسباب ما يلي:

الأسباب النفسية:


التفكير السلبي الذي يطغى على بال الإنسان فيجعله يخاطب ذاته بعبارات محبطة مثل: لا استطيع، لا اقدر ،سوف أفشل … وما إلى هذا من تعابير يقع تأثيرها على نفسية الشخص وتشعره بالإحباط الذي قد يمنعه من الإقدام عن الشغل، او قد تجعله يقدم على الشغل وهو يتنبأ مسبقا الفشل فيه .
اسقاط الفشل على الآخرين، فالانسان الفاشل يبحث دوما عن شماعة يعلق عليها أخطاءه, وهذا هربا من القاء اللوم والتقصير على ذاته .
خسارة الثقة بالنفس وبالقدرات الذاتية الأمر الذي يولد الإحساس الدائم بالدونية في مواجهة الآخرين
رفض تتالي التجربة، فعند حصول اي انهزام مؤقت ينسحب الفاشل وينزوي على ذاته، مبررا ذلك الانزواء بأنه أداة للدفاع عن النفس من اي انتكاسة أوفشل جديدين.

الأسباب الاجتماعية :


كثرة الآراء الناقدة واللوم التي يتلقاها بعض الناس من المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وما يرافق تلك الآراء الناقدة من تعابير وتصرفات تذكر الفاشل بفشله وتقارنه بغيره من الناجحين في داخل الأسرة او خارجها .
الرشاوى والمحسوبية التي بليت بها مجتمعاتنا الإسلامية, والتي جعلت التفضيل بين الناس قائم على الوساطات وليس على الكفاءات
العادات والتقاليد التي تسجن الناس والأفكار في قالب روتيني واحد. فالطالب الذي لا يتفوق بمادة الرياضيات انسان فاشل وإن كان الأول في صفه في مادة الأدب واللغة . والفتاة الجميلة التي تنجح في اصطياد الزوج الغني انسانة ناجحة وإن كانت فاقدة لأدنى معدلات الخلق أبوين .

الأسباب الاستثمارية:

الفقر الذي قد يقف حائلا في مُواجهة تقصي الأحلام والأماني ، فالفقير المتفوق لا يمكنه اختيارالمدرسة او الجامعة المناسبتين ,او ان يختار الوظيفة التي يمكن ان يبرع فيها لعدم امتلاكه للمال الوافي، الأمر الذي جعل بعض الجامعات و الاختصاصات حكرا على الأغنياء دون المتعسرين.
البطالة التي تنتشر في عديد من الدول والتي تمنع الشبان الكفء من ايجاد فرص الشغل المناسبة، الشأن الذي ينعكس على نفسية الشبان ويزيد من احساسهم بالفشل.
خروج المرأة إلى الشغل، وتفضيل بعض اصحاب الشغل تعيين المرأة على الرجل لأغراض عديدة ، منها الأجر الهابط للمراة والرغبة في تسخير حُسن المرأة الخارجي بهدف مبالغة عدد العملاء .
إن تلك العوامل وغيرها عديد يتخذها الفاشل حجج يتستر ورائها حتى يمنح لنفسه ولمجتمعه المبررات التي تقوم برفع عنه اي لوم او تقصير.

ولتجنب العديد من تلك الاسباب يمكن اتباع الوسائل الآتية


الايمان بأن الله تعالى الذي انعم على عبده بكثير من النعم الظاهرة والباطنة، يبتليه اليوم بمصيبة الفشل ليمحصه ويختبر صبره قبل أن يوفيه اجره في وقت لاحق، يقول تعالى”إنما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب” . وذلك الايمان يستوجب ممن يستشعر لحظات الفشل” العودة إلى الله تعالى وإعادة الشأن إليه ، فهذا قدره وقضاؤه وعلينا التسليم والرضا والقبول بما كتب، فله سبحانه حكمه البالغة وأقداره الربانية التي لا نعرف أسرارها “. وذلك التسليم والرضا بقضاء الله تعالى لا يتنافى مع سعي الإنسان إلى إجتياز مشاعر الإرتباك والحزن وخيبة الأمل، وهذا يكون باللجوء إلى الله تعالى والدعاء إليه بأن يزيل عنه الهم والكرب، ومن الأدعية المأثورة في ذلك الميدان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني اعوذ بك من الهم والحزن واعوذ بك من العجز والكسل).
التفكير الايجابي الذي يُعد هو المحرك الأول للدوافع والانفعالات التي تسبق التصرف، فإذا نجح المؤمن في برمجة أفكاره برمجة ايجابية ، نجح في التحكم بكل ما يرد إليه من العالم الخارجي والتعامل معه، وبذلك يمنع هذه الأسباب الخارجية من النفوذ على نفسيته وجرها إلى تصرفات سلبية قد تنعكس على سلامته وسعادته الداخلية قبل أن تنعكس على سلوكه مع الآخرين الذي يشتمل كثيرا من المساوئ الأخلاقية، مثل الحقد والحسد والظلم .
من هنا اهمية طرد الفكرة السلبية واستبدالها باخرى ايجابية: فالفكرة ” تجلب فكرة اخرى من نفس النوع، وان تشريع أنشطة الذهن الباطن يبدأ بتحريك الافكار حتى تبلغ إلى 6000 فكرة، والفكرة السلبية تجذب فكرة سلبية والايجابية تجلب فكرة ايجابية” .
تقبل الفشل وعدم السماح له بالهيمنة على التفكير وإلشعور باليأس والاحباط ، والعمل على تغيير ذلك الفشل إلى حافز للنجاح في المستقبل و” البصر إلى الانخافض والصعود كجزء من عملية التعلم الإيجابية” . يذكر في ذلك الميدان أن هزيمة المسلمين في طليعة غزوة حنين كان فيها أثر تربوي هائل، إذ إن “النفع من التعلق بالله وربط النصر به كانت أعظم من نفع الفتح. وتم الشأن في أعقاب هذا كما أراد الله له”.
بالإضافة إلى هذا من النافع اعتبار أن “الخطأ والفشل ليسا مؤشرين على مقدار الإنسان فمحبة الإنسان لنفسه يلزم ان تكون بلا شرط ، ولذلك على الإنسان ألا يطالب ذاته بأن يكون كفؤا كليا في جميع ما يفعله” .
عدم تعليق عوامل الفشل على الآخرين، والذهاب بعيدا عن تحديث عداء للأفراد الذين يتعلق بهم الفشل ، إذ إن عديد ممن يوجهون اللوم والانتقاد للآخرين يفعلون هذا عن جهل وسوء فعل اعتقادا منهم بانهم يحسنون صنعا ، وصدق المثل الذي يقول: ” الأشرار بدافع الجهل يستحقون الغفران”.
في النهاية، إن التداول مع الفشل يستوجب فحص اسباب ذلك الفشل مع الاعتراف بالتقصير إن وجد، والعمل على الأخذ مستقبلا بكل العوامل التي تؤدي إلى تلافي السقوط في ذلك الفشل ، فأما لو كان ذلك الفشل خارج عن إرادة الإنسان، فما عليه سوى الصبر والقبول بالأمر الواقع مع اليقين بأن الفرج قريب، إذ ” إن إستمرارية الحل من المحال” .
كما إن ذلك التداول لا يتشابه من فرد لآخر، فمن الناس من ينظر إليه على انه من الزمن الفائت الذي لن يرجع، ومنهم من يجر ذلك الفشل معه أينما ذهب، وإلى ذلك الأخير نقول ” إن السن كله هو اللحظة التي انت فيها فاتقن عملك ما استطعت فقد لا تأتيك إمكانية أخرى للعمل” .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى